سمات الفن الاسلامي لم تكن شكلية فقط بل كانت فلسفية
التجريد
يعتبر التجريد أحد مميزات الفن الإسلامي ويقوم على مبادئ فلسفية وفكرية متمثلة في إبراز الجوهر الحقيقي للأشياء وعدم التركيز على التفاصيل الدقيقة والواقعية. ويعبر التجريد في الفن الإسلامي عن اللانهائية والإنسجام والتناغم والروحانية، ويستخدم التجريد لتوجيه المشاعر والأفكار بطريقة غير مباشرة إلى المتلقي. وبذلك، يمكن القول إن التجريد في الفن الإسلامي له دلالات فلسفية وإنسانية أكثر منها مجرد تصوير واقعي للأشياء.وهو تجريد لديه ايقاع تناغمي غنائي يوصل مشاعر محددة للمتلقي .
كراهية تصوير الكائنات الحية
في البدايات، كان هناك خوف من تصوير الكائنات الحية بسبب المعتقدات الوثنية السائدة، وعندما انتشر الدين الجديد بدأ التصوير يظهر تدريجياً مع بعض التحفظات والقيود، وكانت من بين هذه القيود مبدأ “مخالفة الطبيعة” لكي لا يتم تجسيد أو تجسيم الكائنات الحية. وهذا الأمر خلق خط جديد في الفن الإسلامي الذي فهمه البعض على أنه ضعف في قدرات الفنان المسلم، ولكن يُمكن النظر إليه كنوع من التجريد المتعمد.
تحويل الرخيص الى ثمين
تحويل الأشياء الرخيصة إلى قيمة فنية هو مفهوم ينطلق من مبادئ الزهد في الدين الإسلامي، فقد استخدم الفنانون المواد الرخيصة في إبداع أعمال فنية تتميز بالجمال والرقي، مثل استخدام الطين في الرقش والنقش وصنع زخارف رائعة بألوان متعددة. كما استخدموا المواد الرخيصة مثل النحاس والخشب لإنشاء أعمال فنية، وكان ذلك شائعاً في الفترة الفاطمية مثل صناعة محراب مسجد السيدة رقية. ويعتبر هذا التحول من الأشياء الرخيصة إلى أشياء ثمينة فنياً، مفهوماً مهماً في الفن الإسلامي.
وحدة الفنون في الفن الإسلامي
يعتبر التنوع الفني ملحوظًا في الفن الإسلامي، ولكن يتميز بالروحية الموحدة التي تنبع من تأثير الفلسفة الإسلامية. كانت العناصر والمميزات متشابهة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ولكنها كانت تحمل لمسات محلية وإبداعية، ولم تكن مجرد استنساخ اعمى للأعمال الفنية في مناطق أخرى. وكانت المواد المستخدمة تختلف باختلاف المناطق الجغرافية. كان الخط العربي حاضرًا بشكل شبه دائم في الفن الإسلامي، حيث كان يستخدم في العمارة وفي كتابة آيات القرآن الكريم والنصوص الدينية الأخرى.
التكامل الفني
تعتبر الفنون الإسلامية متكاملة ومترابطة بشكل كبير، فهي تجمع بين العديد من الفنون والتقنيات المختلفة مثل العمارة والفسيفساء والرسم والنحت والزخرفة والخط العربي وغيرها. وقد تم استخدام هذه الفنون والتقنيات بشكل مثالي لتشكل فن يعكس مبادئ الإسلام وقيمه.
فمثلاً، في العمارة الإسلامية، تم استخدام الزخرفة والنقوش الهندسية والنباتية والخط العربي في تزيين المباني والمساجد والقصور والحمامات والمدارس. كما تم استخدام الرسم والنحت في الديكور الداخلي للمباني والأثاث والمنحوتات والتماثيل.
وبالنسبة للزخرفة، فقد تم استخدامها بشكل كبير في الفسيفساء والخزف والمنسوجات والأقمشة والسجاد وغيرها، حيث تم تطبيق نمط الزخرفة الإسلامية الفريد الذي يتميز بالتكرار والتناغم والتناسق في التصميم.
وبالنسبة للخط العربي، فهو يعد أحد العناصر الرئيسية في الفن الإسلامي، وقد تم استخدامه بشكل كبير في التزيين الخطي للمساجد والمصاحف والنسخ اليدوية والمواد الإعلانية وغيرها. ويتميز الخط العربي بالتناغم والتناسق بين الحروف والكلمات والجمل، وتطبيقه يتطلب مهارة عالية وإتقانا للفنان الذي يستخدمه.
هذا التكامل كان له تأثير إيجابي على الفن الإسلامي وجعله يتميز بالتعددية والتنوع.
الحرف
ويمكن اعتبار الحرف في الحضارة الإسلامية فناً بعكس المفهوم الحديث لأنه لم يكن مقتصراً على وظيفة تواصلية بحتة، بل كان يعكس روحًا فنية وثقافية متميزة. ومن الجوانب التي تعكس ذلك هو الاهتمام الكبير بالجمال والتفاصيل الدقيقة في صناعة الحرف، وأنه كان يعتبر جزءًا لا يتجزأ من العمارة والتزيين والزخرفة في الحضارة الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحرف في الحضارة الإسلامية كان يستخدم كوسيلة للتعبير عن الأفكار الفلسفية والدينية، وكان يعكس الإبداع والتفرد في التعبير الفني.