Home خصائص فنون المسلمين
photo by Andreea Ch

فنون المسلمين - مقدمة

المقدمة 

الفن الإسلامي نشأ في الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي، وانتشر لاحقاً مع انتشار الدين تدريجا للشام ومصر وشمال افريقيا ومن ثم  في الأراضي الإسلامية الواسعة التي تمتد من إسبانيا إلى آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا. ومن ثم امتد إلى الهند وإندونيسيا، حيث استوعب الفن الإسلامي تقاليد وتقنيات فنية مختلفة، وطور أساليب وممارسات فنية متنوعة وفريدة من نوعها في كل منطقة.

يتضمن الفن الإسلامي العديد من المجالات الفنية والحرفية، بما في ذلك العمارة والتصميم الداخلي والزخرفة والنسيج والخزف والزجاج والنقش والتصوير والخط العربي. وتعتبر الخط العربي والزخرفة الهندسية من أهم المجالات الفنية التي تميز الفن الإسلامي وتمثل جوهره. كما أن النحت والنحاسة والجلود والأثاث والمجوهرات والخزف والزجاج والفسيفساء والسجاد والمنسوجات اليدوية والتطريزات والنسيج الجداري وغيرها من المجالات الحرفية تشكل جزءًا لا يتجزأ من الفن الإسلامي.

يمكن تقسيم تطور الفن الاسلامي مع  مراحل انتشار الإسلام إلى ثلاثة فترات رئيسية:

  • فترة مكة: استمرت حوالي 13 سنة، بدأت عام 610 م عندما تلقى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الوحي وبدأ بدعوة الناس إلى الإسلام في مكة، وانتهت عام 622 م بالهجرة إلى المدينة. وفي هذة المرحلة لا يوجد الكثير من الأدلة على وجود فن إسلامي في فترة مكة، ويعتقد بشكل عام أن الفن الإسلامي بدأ يتطور بعد هجرة الرسول محمد إلى المدينة المنورة. في فترة مكة، كان التركيز الرئيسي للإسلام على الدعوة إلى التوحيد ونشر الرسالة الإلهية، ولم يتم تسجيل الأعمال الفنية بشكل كبير خلال هذه الفترة. ومع ذلك، يمكن أن يكون هناك بعض الفنون البسيطة مثل الرسم على الجدران أو الأسطح الصخرية، ولكن هذه الأعمال لم تصلنا من ذلك الوقت.
  • فترة المدينة: بدأت عام 622 م بالهجرة واستمرت حوالي 10 سنوات، وكانت فترة تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، ونشر الإسلام بين الجماعات القبلية في الجزيرة العربية.

يعتبر الفن الإسلامي في فترة المدينة جزء من فن الفترة الإسلامية الأولى ولا يختلف كثيرًا عن الفن في فترة مكة. ولكن بسبب النمو السريع للإسلام في هذه الفترة وانتقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة وبناء المسجد الاول ، ظهرت بعض التطورات في الفن الإسلامي.

من الأمور التي ظهرت في فترة المدينة هو زخرفة المساجد والبيوت بالنباتات والشعارات الإسلامية والهندسة الإسلامية. كما بدأ استخدام الخط العربي في الكتابة على الورق والجدران والأقمشة، وتم استخدام التصاميم البسيطة والزخرفة بالأشكال الهندسية الأساسية.

وبالرغم من أن فترة المدينة كانت قصيرة نسبيًا، إلا أن بعض العناصر الفنية والزخرفية التي ظهرت في هذه الفترة واصلت استخدامها في الفن الإسلامي في الفترات التالية، مما يعكس أهمية هذه الفترة في تطور الفن الإسلامي.

  • فترة الفتوحات الإسلامية: بدأت بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث بدأت الدولة الإسلامية بالانتشار والتوسع خارج الجزيرة العربية، ووصلت إلى شمال إفريقيا وشبه الجزيرة الإيبيرية والهند وغيرها من البلدان، واستمرت هذه الفترة حتى القرن الثامن عشر الميلادي.

في مرحلة الفتوحات الإسلامية، امتد نطاق الفن الإسلامي إلى مناطق جديدة خارج الجزيرة العربية، واستوعب تقاليد فنية مختلفة. كما تأثر بالفنون المحلية واندمجت فيها بشكل مميز. وازداد التنوع في الفن الإسلامي بفعل التوسع الجغرافي والتعرض لتقاليد الفنون المحلية في الأماكن التي تمت الفتح عليها، وتأثر أيضا بالثقافات الإغريقية والرومانية والفرسية.

وقد شهدت فترة الفتوحات الإسلامية تنوعاً في الفنون المتعلقة بالمعمار والزخرفة والتصوير والفنون الحرفية. وأسس الفن الإسلامي في هذه المرحلة اسس ومعايير جديدة لتصميم وإنتاج الأعمال الفنية، مما ساعد على تطوير التقنيات والأساليب الفنية وتطوير الفنون المختلفة.

ويعتبر العصر الأموي في العراق وسوريا وإيران، والعصر العباسي في بغداد وسامراء والأندلس، والدولة الفاطمية في مصر وشمال إفريقيا، من أهم الفترات التي شهدت نموًا وتطورًا للفن الإسلامي خلال فترة الفتوحات الإسلامية. وتمثل المساجد والقصور والمدارس والمستشفيات والحمامات والجسور والأسواق العامة والمنازل أهم الأعمال المعمارية التي تم إنشاؤها في هذه الفترة.

سمات الفن الاسلامي لم تكن شكلية فقط بل كانت فلسفية

التجريد 

 يعتبر التجريد أحد مميزات الفن الإسلامي ويقوم على مبادئ فلسفية وفكرية متمثلة في إبراز الجوهر الحقيقي للأشياء وعدم التركيز على التفاصيل الدقيقة والواقعية. ويعبر التجريد في الفن الإسلامي عن اللانهائية والإنسجام والتناغم والروحانية، ويستخدم التجريد لتوجيه المشاعر والأفكار بطريقة غير مباشرة إلى المتلقي. وبذلك، يمكن القول إن التجريد في الفن الإسلامي له دلالات فلسفية وإنسانية أكثر منها مجرد تصوير واقعي للأشياء.وهو تجريد لديه ايقاع تناغمي غنائي يوصل مشاعر محددة للمتلقي .

كراهية تصوير الكائنات الحية 

في البدايات، كان هناك خوف من تصوير الكائنات الحية بسبب المعتقدات الوثنية السائدة، وعندما انتشر الدين الجديد بدأ التصوير يظهر تدريجياً مع بعض التحفظات والقيود، وكانت من بين هذه القيود مبدأ “مخالفة الطبيعة” لكي لا يتم تجسيد أو تجسيم الكائنات الحية. وهذا الأمر خلق خط جديد في الفن الإسلامي الذي فهمه البعض على أنه ضعف في قدرات الفنان المسلم، ولكن يُمكن النظر إليه كنوع من التجريد المتعمد.

تحويل الرخيص الى ثمين

تحويل الأشياء الرخيصة إلى قيمة فنية هو مفهوم ينطلق من مبادئ الزهد في الدين الإسلامي، فقد استخدم الفنانون المواد الرخيصة في إبداع أعمال فنية تتميز بالجمال والرقي، مثل استخدام الطين في الرقش والنقش وصنع زخارف رائعة بألوان متعددة. كما استخدموا المواد الرخيصة مثل النحاس والخشب لإنشاء أعمال فنية، وكان ذلك شائعاً في الفترة الفاطمية مثل صناعة محراب مسجد السيدة رقية. ويعتبر هذا التحول من الأشياء الرخيصة إلى أشياء ثمينة فنياً، مفهوماً مهماً في الفن الإسلامي.

وحدة الفنون في الفن الإسلامي

يعتبر التنوع الفني ملحوظًا في الفن الإسلامي، ولكن يتميز بالروحية الموحدة التي تنبع من تأثير الفلسفة الإسلامية. كانت العناصر والمميزات متشابهة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ولكنها كانت تحمل لمسات محلية وإبداعية، ولم تكن مجرد استنساخ اعمى للأعمال الفنية في مناطق أخرى. وكانت المواد المستخدمة تختلف باختلاف المناطق الجغرافية. كان الخط العربي حاضرًا بشكل شبه دائم في الفن الإسلامي، حيث كان يستخدم في العمارة وفي كتابة آيات القرآن الكريم والنصوص الدينية الأخرى.

التكامل الفني 

تعتبر الفنون الإسلامية متكاملة ومترابطة بشكل كبير، فهي تجمع بين العديد من الفنون والتقنيات المختلفة مثل العمارة والفسيفساء والرسم والنحت والزخرفة والخط العربي وغيرها. وقد تم استخدام هذه الفنون والتقنيات بشكل مثالي لتشكل فن يعكس مبادئ الإسلام وقيمه.

فمثلاً، في العمارة الإسلامية، تم استخدام الزخرفة والنقوش الهندسية والنباتية والخط العربي في تزيين المباني والمساجد والقصور والحمامات والمدارس. كما تم استخدام الرسم والنحت في الديكور الداخلي للمباني والأثاث والمنحوتات والتماثيل.

وبالنسبة للزخرفة، فقد تم استخدامها بشكل كبير في الفسيفساء والخزف والمنسوجات والأقمشة والسجاد وغيرها، حيث تم تطبيق نمط الزخرفة الإسلامية الفريد الذي يتميز بالتكرار والتناغم والتناسق في التصميم.

وبالنسبة للخط العربي، فهو يعد أحد العناصر الرئيسية في الفن الإسلامي، وقد تم استخدامه بشكل كبير في التزيين الخطي للمساجد والمصاحف والنسخ اليدوية والمواد الإعلانية وغيرها. ويتميز الخط العربي بالتناغم والتناسق بين الحروف والكلمات والجمل، وتطبيقه يتطلب مهارة عالية وإتقانا للفنان الذي يستخدمه.

هذا التكامل كان له تأثير إيجابي على الفن الإسلامي وجعله يتميز بالتعددية والتنوع.

الحرف
ويمكن اعتبار الحرف في الحضارة الإسلامية فناً بعكس المفهوم الحديث لأنه لم يكن مقتصراً على وظيفة تواصلية بحتة، بل كان يعكس روحًا فنية وثقافية متميزة. ومن الجوانب التي تعكس ذلك هو الاهتمام الكبير بالجمال والتفاصيل الدقيقة في صناعة الحرف، وأنه كان يعتبر جزءًا لا يتجزأ من العمارة والتزيين والزخرفة في الحضارة الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحرف في الحضارة الإسلامية كان يستخدم كوسيلة للتعبير عن الأفكار الفلسفية والدينية، وكان يعكس الإبداع والتفرد في التعبير الفني.

Reddit
Wael Moustafa

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *